سرطان الغدة الدرقية – دليل طبي كامل
أورام الغدة الدرقية ليست واحدة، بل منها حميدٌ، ,ومنها سرطان الغدة الدرقية، والحميد ميسورٌ علاجه، لا ينتشر إلى أماكن بعيدة من الجسم، على خلاف السرطان الذي قد ينتشر إلى أماكن بعيدة، ويُسبِّب مشكلاتٍ لا حصر لها.
يُعدّ الورم الحليمي أكثر سرطانات الغدة الدرقية شيوعًا، وأيسرها علاجًا، بينما الورم الكشمي من أعقد سرطانات الغدة الدرقية، والذي قد يكون مميتًا.
تختلف وسائل العلاج والتشخيص حسب نوع الورم الذي أُصِيب به المريض، وفي ذلك فالأمر متروكٌ للطبيب لتقدير وسائل التشخيص والعلاج المناسبة.
ما هو سرطان الغدة الدرقية؟
خروج خلايا الغدة الدرقية عن السيطرة، ونموها خارج الإطار الطبيعي لها، وقد يظهر في شكل كتلةٍ في الرقبة غير مؤلمة.
انواع سرطان الغدة الدرقية
تنقسم أنواع سرطان الغدة الدرقية إلى:
- سرطان حليمي: يُمثِّل 80% من السرطانات المُصِيبة لها، ينمو ببطء، وقد يمتد للعقد الليمفاوية المجاورة له، كما أنَّه من سهل علاجه، ونادرًا ما يُسبِّب الوفاة.
- سرطان جُريبي: يُمثِّل 15% من سرطانات الغدة الدرقية، وقد ينتشر إلى العظام والرئتين، ما يجعل علاجه عسيرًا.
- سرطان نخاعي: يُمثِّل 2% من سرطانات الغدة الدرقية، وربع المُصابين به، سبقت إصابة أحد أفراد أسرتهم به من قبل، ومِنْ ثَمَّ فقد يكون منشؤه خللًا جينيًا.
- سرطان كشمي: سرطان عدواني، متعسِّر علاجه، ينمو سريعًا، وينتشر للأنسجة المجاورة، بل وإلى أماكن أخرى بعيدة من الجسم، وهو نادرٌ، يُمثِّل 2% فقط من سرطانات الغدة الدرقية.
أسباب سرطان الغدة الدرقية
يرتبط سرطان الغدة الدرقية بالعديد من الاضطرابات الوراثية، لكن السبب المباشر في ظهوره غير معلوم، فقد تُؤدِّي تغيُّرات الحمض النووي DNA إلى انقلاب خلايا الغدة الدرقية إلى خلايا سرطانية.
وقد تُساعِد بعض الجينات نمو الخلايا السرطانية، أو لا تقوم الجينات المُثبِّطة للأورام بوظيفتها، مِمَّا يُؤدِّي إلى نشاط سرطان الغدة الدرقية.
قد تزداد فرص ظهور اورام الغدة الدرقية السرطانية في حالة التعرُّض للإشعاع، أو نقص اليود، أو غير ذلك من الأمور، مثل:
- تضخُّم الغدة الدرقية.
- سبق إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض الغدة الدرقية أو سرطانها.
- التهاب الغدة الدرقية.
- تغيُّراتٍ جينية.
- السمنة.
- التعرُّض لإشعاعات من سلاحٍ نووي، أو حادث لمحطات الطاقة.
أعراض سرطان الغدة الدرقية
قد لا تظهر أعراض سرطان الغدة الدرقية إلَّا مع بلوغه مراحل متقدمة؛ لذا من المهم معرفة العلامات المُبكِّرة التي قد ترشدك إليه، مثل:
- كتلة متضخمة في الرقبة: أحد الأعراض المُبكِّرة المُؤكِّدة لظهور اورام الغدة الدرقية السرطانية، بروز كتلةٍ غير مُعتادةٍ في الرقبة، والتي تتطلَّب استشارة الطبيب؛ لتحديد ماهيتها وما إذا كانت أورامًا حميدةً أم سرطانية.
- الإرهاق: يُعدّ الإرهاق من أبرز علامات سرطان الغدة الدرقية، لكنَّه قد ينشأ أيضًا من اضطراباتٍ أخرى كفرط نشاط الغدة الدرقية، أو خمولها، ومِنْ ثَمَّ فالإرهاق وحده ليس كافيًا لتأكيد الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
- تضخُّم الغدد الليمفاوية في الرقبة: قد تنتشر اورام الغدة الدرقية السرطانية إلى الغدد الليمفاوية المُجاوِرة لها في الرقبة، مِمَّا يُؤدِّي إلى تضخمها.
- السُّعال المستمر: ربَّما يتسبَّب سرطان الغدة الدرقية أحيانًا في نمو عُقيدات؛ تُهيِّج الحلق، وتُسبِّب سعالًا لا يتوقف، حتى بعد علاج نزلات البرد، أو غيرها من الأمراض المُسبِّبة للسعال.
- ألم الرقبة: يبدأ ألم الرقبة عادةً في الجزء الأمامي منها، وقد يمتد أحيانًا وصولًا إلى الأذن.
- تغيُّرات الصوت: تغيُّر الصوت، أو بحة الصوت المستمرة والتي لا تزول من علامات سرطان الغدة الدرقية، أو الأورام الحميدة للغدة الدرقيةالتي زادت في الحجم جدًا.
- مشكلات التنفُّس والبلع: قد يتعارض سرطان الغدة الدرقية مع التنفُّس الطبيعي، أو بلع الطعام، ومِنْ ثَمَّ فإن واجهت المريض صعوبةً في التنفُّس، أو البلع، فلا بُدّ من استشارة الطبيب.
كيف يتم تشخيص سرطان الغدة الدرقية؟
حال ظهور أحد علامات سرطان الغدة الدرقية، ينبغي إجراء بعض الاختبارات؛ لتشخيص المرض، والتعامل معه بأمثل طريقة:
- اختبارات الدم
يفحص الطبيب من خلال هذه الاختبارات مستويات هرمونات الغدة الدرقية في الدم؛ لمعرفة ما إذا كانت الغدة الدرقية قادرةٌ على أداء وظيفتها أم لا، ومِنْ ثَمَّ اتخاذ السبيل العلاجي المُناسِب. - خزعة
قد يحتاج الطبيب إلى الحصول على عيِّنة من نسيج الغدة الدرقية بإبرةٍ دقيقة؛ إذ يزيل بعض خلايا الغدة الدرقية؛ لفحصها ما إذا كانت سرطانية أم لا.
أيضًا، قد يحصل الطبيب على عيِّنة من العقد الخافرة (Sentinel node)؛ لمعرفة هل انتشرت اورام الغدة الدرقية السرطانية إلى الغدد الليمفاوية أم لا؛ إذ ذلك مُؤشِّر على المرحلة التي بلغها السرطان، ومُرشِد لاتِّباع الوسيلة العلاجية المُناسِبة.
يُجرَى كل ذلك تحت توجيه الموجات فوق الصوتية. - مسح اليود المشع
يرصد هذا الاختبار اورام الغدة الدرقية السرطانية، بل ويكشف عن مدى انتشارها خارجها؛ إذ يبتلع المريض قرصًا يحتوي على مقدارٍ آمن من اليود المشع، الذي تمتصه الغدة الدرقية على مدار ساعات.
ويستخدم الطبيب جهازًا خاصًا لقياس كمية الإشعاع المُتلبِّس بالغدة الدرقية، فإن عُثر على مناطق قليلة النشاط الإشعاعي، فما زالت هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الاختبارات لتأكيد التشخيص. - فحوصات تصويرية
ترصد بعض الفحوصات التصويرية سرطان الغدة الدرقية، وكذلك الأماكن التي انتشر إليها، مثل:- التصوير المقطعي المحوسب.
- التصوير المقطعي بإصدار البوزيترون.
مخاطر سرطان الغدة الدرقية
للسرطان مخاطر قد تُودِي بحياة الإنسان، فأيّ سرطانٍ ذي خلايا خبيثة، قادر على الانتشار إلى أنسجة الجسم الأخرى، فهو خطر، خاصةً إذا لم يُرصَد مبكرًا، فعلاج السرطان سهلٌ ما دام مقتصرًا على النسيج الذي نشأ فيه، وتزداد صعوبة العلاج كُلَّما انتشر وتوغل في أنسجة الجسم الأخرى.
وقد يزداد حجم اورام الغدة الدرقية السرطانية، بما يُؤثِّر على التنفُّس، أو البلع، أو حتى صوت المريض، وهذا كلُّه مِمَّا يستدعي سرعة التعامل معه، وعدم التهاون.
أيضًا من مخاطر سرطان الغدة الدرقية، إمكان عودته مُجددًا؛ إذ يحدث ذلك لدى 30% من المرضى.
علاج سرطان الغدة الدرقية
يختلف علاج اورام الغدة الدرقية السرطانية حسب المرحلة التي وصل إليها السرطان، وحجمه:
علاج سرطان الغدة الدرقية بالجراحة
الجراحة من أبرز طرق علاج اورام الغدة الدرقية السرطانية، وقد تتضمَّن الجراحة إجراء أيٍ من العمليات الآتية:
- استئصال الفص: يستأصل الطبيب فصّ الغدة الدرقية الذي اجتاحه السرطان، وقد يستأصل أيضًا العقد الليمفاوية القريبة منه؛ لفحصها تحت المجهر.
- استئصال الغدة الدرقية شبه الكُلِّي: يُبقِي الطبيب جزءًا صغيرًا فقط من نسيج الغدة الدرقية، وقد يستأصل معها العقد الليمفاوية القريبة منها.
- استئصال الغدة الدرقية الكُلِّي: تُستأصل كامل الغدة الدرقية، ومعها العقد الليمفاوية المُجاوِرة لفحصها تحت المجهر.
- الفغر الرغامي: جراحةٌ تُنشِئ فتحةً في القصبة الهوائية؛ للمساعدة في التنفُّس، حال مواجهة المريض صعوبة في التنفس جراء سرطان الغدة الدرقية.
العلاج الإشعاعي
يقتل الإشعاع الخلايا السرطانية، ويكبح نموها؛ إذ يستخدم الطبيب آلةً لإرسال حزم قوية من الإشعاع لموضع السرطان، وهذا ما يُعرَف بالعلاج الإشعاعي الخارجي.
أمَّا العلاج الإشعاعي الداخلي، فيتضمَّن استخدام مادةٍ مُشعة في إبرٍ، أو أسلاك، أو قسطرة، وتُوضع مباشرةً بالقرب من السرطان أو بداخله.
العلاج الكيميائي
يُوقِف العلاج الكيميائي نمو الخلايا السرطانية في شتى أنحاء الجسم، ويقتلها كذلك، لكنَّها قد تُؤثِّر كذلك في وظائف الغدة الدرقية، ما قد يتطلَّب إعطاء المريض هرمونات الغدة الدرقية في هيئة أدوية؛ لتعويض نقصها لديه.
العلاج الهرموني لسرطان الغدة
يمنع العلاج الهرموني إفراز الهرمونات التي قد تُسبِّب سرطان الغدة الدرقية، وتزيد فرص عودته أو انتشاره.
العلاج المُوجَّه
نوع من العلاج، يعتمد على استخدام أدوية أو مواد؛ لاستهداف خلايا سرطانية مُعيَّنة، ومنه عدِّة أنواع، مثل:
- مثبطات كيناز التيروسين: تمنع إرسال الإشارات المطلوبة لنمو الخلايا السرطانية، مثل: سورافينيب، ولينفاتينيب، وبرالسيتينيب.
- مثبطات كيناز البروتين: تكبح البروتينات المطلوبة لنمو الخلايا السرطانية، بل وتقتلها، مثل: دابرافينيب، وتراميتينيب.
العلاج المناعي
العلاج المناعي علاجٌ واعد لسرطان الغدة الدرقية؛ إذ يعتمد على تنشيط آليات الجهاز المناعي لمكافحة السرطان، لكنَّها ما زال رهن التجربة.
علاج سرطان الغدة الدرقية باليود المشع
يُمكِن علاج اورام الغدة الدرقية السرطانية باليود المشع؛ إذ يبلع المريض قرصًا، أو سائلًا يحتوي على تركيزٍ مرتفعٍ من اليود المشع، مقارنةً بما يُستخدَم في أثناء التشخيص.
يُقلِّص اليود المشع حجم اورام الغدة الدرقية، بل ويُدمِّر النسيج التالف من الغدة الدرقية بجانب الخلايا السرطانية، ويُعدّ هذا العلاج آمنًا؛ إذ تمتص الغدة الدرقية كامل اليود المشع المُستخدَم تقريبًا، بينما لا يتعرَّض باقي الجسم إلَّا لكمياتٍ طفيفةٍ منه.
الفرق بين الورم الحميد والخبيث للغدة الدرقية
غالب الأورام التي تُصِيب الغدة الدرقية حميدة غير خبيثة، وقد تكون هذه الأورام الحميدة في صورة:
- عُقيدات درقية.
- تكيُسات.
وهذه الأورام الحميدة لا تخرج عن نطاق الغدة الدرقية، وإنَّما تأثيرها محصورٌ بها، باستثناء ما إذا زاد حجمها كثيرًا، فقد تضغط على الأنسجة المُجاوِرة، مُسبِّبةً صعوبة في البلع، أو التنفس.
وقد ينقلب الورم الحميد إلى سرطانٍ في بعض الأحيان، أمَّا العكس فلا يحدث.
والورم الخبيث للغدة الدرقية ناشئٌ عن خروج خلاياها عن السيطرة، فباتت تتضاعف، وتزداد أعدادها دون حسابٍ، بل إنَّ بمقدورها الانتشار خارج الغدة الدرقية، وهذا ما لا تفعله الأورام الحميدة.
من السهل علاج الأورام الحميدة بالجراحة، أو التردد الحراري، أو اليود المشع، وكذلك الورم الخبيث، لكن في مراحله المُتقدِّمة، قد يتطلَّب أنواعًا إضافيةً من العلاج كالعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي.
يُعدّ الورم الخبيث للغدة الدرقية أخطر من الورم الحميد؛ إذ هو قادرٌ على الانتشار إلى أماكن أخرى من الجسم كالرئتين والعظام، وغيرها، كما يُمكِن أن يعود مجددًا بعد علاجه، مِمَّا يستدعي حذرًا ويقظة من قبل المريض والطبيب.
الفرق بين سرطان الغدة الدرقية والسرطان الحليمي
السرطان الحُليمي أحد أنواع سرطان الغدة الدرقية المُتباين، والذي يُمثِّل 80% من سرطانات الغدة الدرقية؛ أي أنَّه أكثرها شيوعًا.
ينمو السرطان الحليمي ببطءٍ شديد من الخلايا الجرابية المُنتِجة لهرمونات الغدة الدرقية، كما أنَّ النساء أكثر عُرضةً لذلك السرطان، كما قد يُصِيب ذلك السرطان العقد الليمفاوية المُجاوِرة للغدة الدرقية.
وبحلول وقت التشخيص، فإنَّ 10 – 15% من مرضى سرطان الغدة الدرقية الحليمي يُعانُون من انتشاره إلى أماكن بعيدة من الجسم، مثل: العظام أو الرئتين.
كيف تختار أفضل طبيب لعلاج اورام الغدة الدرقية؟
يحتاج علاج اورام الغدة الدرقية إلى طبيبٍ ماهرٍ ذي خبرةٍ كبيرةٍ، قادر على اتِّباع الوسائل التشخيصية المُناسِبة لتحديد نوع الورم، ومِنْ ثَمَّ رسم الخطة العلاجية بناءً على ذلك، كما يُشترَط أن تتوفَّر فيه الشروط الآتية:
- حاصل على درجة علمية كبيرة في مجال الغدد الصماء.
- نجح في علاج العديد من المرضى المُصابين بأورام الغدة الدرقية.
- مُطَّلع على أحدث التقنيات العلاجية والتشخيصية لاضطرابات الغدة الدرقية.
- مشهورٌ بحسن التعامل مع المرضى.
- يضع الخطة العلاجية المُناسِبة لكل مريضٍ على حدة؛ للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة.
- العيادة نظيفة ومُجهَّزة بأحدث الأجهزة العلاجية والتشخيصية؛ للحصول على أعلى دقةٍ علاجية مُمكنة.
الخلاصة
أورام الغدة الدرقية ليست واحدة، بل منها حميدٌ، وبعضها خبيثٌ، والحميد ميسورٌ علاجه، لا ينتشر إلى أماكن بعيدة من الجسم، على خلاف الخبيث الذي قد ينتشر إلى أماكن بعيدة، ويُسبِّب مشكلاتٍ لا حصر لها.
يُعدّ الورم الحليمي أكثر سرطانات الغدة الدرقية شيوعًا، وأيسرها علاجًا، بينما الورم الكشمي من أعقد سرطانات الغدة الدرقية، والذي قد يكون مميتًا.
تختلف وسائل العلاج والتشخيص حسب نوع الورم الذي أُصِيب به المريض، وفي ذلك فالأمر متروكٌ للطبيب لتقدير وسائل التشخيص والعلاج المناسبة.